Wednesday, October 9, 2019

"النساء ترغبن في الشعور بالأمان على الإنترنت"

وبينما كنتُ ضحية تنشد الوصول إلى العدالة مررتُ بمحنة جديدة؛ ذلك أن الضابط المخوّل لمساعدتي طلب مني مشاهدة الفيديو، وما أن فعل حتى انفجر ضاحكا.
لقد كان يتلذذ بالمشاهدة في حضوري.
ثم قال: "لم تكوني مخمورة، ولا تحت تأثير مخدر، لم يغتصبك أحدهم. وطبقا لقانون العقوبات، لا توجد جريمة".
ووجدت نفسي أغادر المبنى غاضبة جدا.
ليلتها بت غارقة في التفكير، وحال الأرق بيني وبين النوم ونهضت في فراشي أتساءل: "ماذا يعني بأنه لا توجد جريمة؟"
وشرعت في التواصل مع أخريات تعرضوا للتعري عبر الإنترنت.
وشرحتُ لهم أنه لا فكرة لديّ عما تُدْعى به هذه الجريمة، ولا عن ماذا يجدر بنا أن نفعل، لكن كان علينا أن نفعل شيئا.
وشيئا فشيئا بدأت الأمور تتضح. وقد طرحنا معا مشروع قانون وتقدمنا به لولاية بويبلا.
وكان كثيرون قد نصحوني بأن أنسَ القصة، لكن ذلك كان يعني قبول الهزيمة.
الجميع بات يعرف مَن أنا وكيف يبدو شكل جسمي.
ما كنت أفعله لم يكن ليعيد لي حقي، لأن ما وقع لم يكن ليمنعه شيءٌ من الوقوع.
لكنني فكرت في كل الفتيات اللاتي يتعرضن لنفس التجربة - كل الفتيات اللاتي سيفكرن في الانتحار، تماما كما كنت أنا ذات يوم.
في البدء تَسمّى مشروع القانون باسم الهدف المرصود له وهو مكافحة العنف الجنسي عبر الإنترنت. وكانت المرة الأولى التي قُدّم فيها مشروع القانون في جلسة عامة بمكتب عمدة بويبلا.
وما أن دخلت مبنى البلدية حتى بدأ الجميع يتهامسون.
كان ذلك في مارس/آذار 2014، ولم أكن تجاوزت التاسعة عشرة من عمري.
أخبرتهم بأني أولمبيا "فتاة واوتشينانغو المكتنزة".
وتحدثت معهم عن الفيديو وقلت إن هناك كثيرا من الضحايا لهذا النوع من العنف.
وأطلعتْ الحضور على صور ملتقطة كاشفة أن بعض الجلوس قاموا بعمل مشاركات وإعجابات بذات الفيديو الذي ظهرتْ فيه على وسائل التواصل الاجتماعي.
وعندئذ قلت لهم: "أنتم المجرمون، لا أنا".
أنا لست خجلى من كوني ذات ثديين. لم أعد أجد حرجا في ممارسة حياتي الجنسية.
لقد وجدت ضالتي في هذه اللحظة وأخذتُ دفعة كبيرة من الطاقة.
بعد ذلك، حُظرَتْ الصفحة التي نشرت الفيديو الذي ظهرتُ فيه. وعزا المسؤولون الحظر إلى أن ثمة "امرأة مجنونة".
لكن كان لا يزال أمامي شوطٌ طويل.
وقال أحد أعضاء المجلس التشريعي إنه لا يمكنه دعم مشروع القانون لأنه بذلك يكون كمن يدعم الانحلال.
واعتبر التشريع من قبيل الجريمة قيام أحدهم بمشاركة محتوى خاص بشخص آخر على الإنترنت بدون موافقة هذا الشخص. كما يناقش التشريع مسألة التنمر عبر الإنترنت وكذلك العنف الجنسي على الإنترنت. فضلا عن الدعوة لاتخاذ تدابير لزيادة الوعي العام بشأن نوع العنف.
ويظن عدد من المكسيكيين، على سبيل المثال، أن تبادل رسائل نصية جنسية مع شخص آخر يعتبر عُنفا. لكنهم مخطئون؛ ذلك أن تبادل أمثال تلك الرسائل هو حق من الحقوق الجنسية. إنما الجريمة في مشاركتها عبر الإنترنت دونما موافقة الطرف الآخر.
وسواء رأت المؤسسات ذلك مقبولا أم لا، فإنها يجب أن تخبر الشباب عن طرق آمنة لممارسة حياتهم الجنسية عبر الإنترنت.
وبعد سنوات من المفاوضات، تم تمرير القانون في بويبلا. وبات ساريا في إحدى عشرة ولاية مكسيكية أخرى حتى الآن.
أكثر من قانون. إنها قضية. نريد أن نرفع الوعي، وأن نمنع هذا العنف ونضع له حدا. النساء يردن أن يشعرن بالأمان على الإنترنت. لنكن واضحين أن العالم الافتراضي هو عالم حقيقي.
قام عدد من النساء بتدشين الجبهة الوطنية للسيدات، التي تتناول حالات التنمر الجنسي، وتحاول طمأنة الضحايا بأنهن لسن وحدهن.
إننا نحاول تعضيد النساء وتمكينهم لحماية أنفسهن وتفادي العنف الرقمي أو العنف عبر الإنترنت.
وقد أصبح التشريع معروفا باسم "قانون أولمبيا" وهو اسم أطلقته صحفية في مقالة لها تناولت القضية.
ضحكتُ لدى سماعي اسم القانون للمرة الأولى، لكنني أدركت أنه أكثر من إشادة وإقرار لصالحي. لقد كان بمثابة بناء جديد لكياني.
ذلك أنني لم أعد تلك الفتاة "المكتنزة المثيرة"، وقد بات اسمي مقرونا بقانون يجرّم الاعتداء والإيذاء عبر الإنترنت.

No comments:

Post a Comment